للأسف، أضعتُ من وقتي قبل قليل حوالي ساعة ونصف وأنا أقرأ بعض المقالات لأحد نجوم التحرير التقني في عالمنا العربي، ورغم احترامي لخبرته وجهوده التي يبذلها في إثراء المحتوى العربي، إلا أنني حزينٌ جدًا على هذا الأسلوب المبتذل والمزعج الذي يهدف بالنهاية إلى كسب زيارات نظرًا للضجّة والنقاشات التي ستدور حول المقالات.
بالتأكيد لهذه المقالات أسبابٌ شخصية ومشاكل تواجه كاتبها ويحاول تفريغها على الملأ، إلا أنه من غير المهني أبدًا استخدام النقد اللادع والأسلوب الساخر في إيصال الرأي؛ وخاصةً لاسمٍ لامع كإسم الكاتب.
قرأت أكثر من مقال للكتاب نفسه، معظمها ينهج نفس الأسلوب في إيصال الفكرة عن طريق السخرية، إلا أن السخرية الزائدة عن حدها ليست بالخيار الجيد على أي حال. من الممكن أن أسخر من عادة منتشرة في المجتمع، من طريقة تفكير فئة محددة من البشر، ولكن دون تهكم زائد واتهامات باطلة وتجريح.
ما أزعجني -رغم نجاح الكاتب في إضحاكي ببعض ما كتب- كان مقالًا قد خُصِّص لانتقاد نماذج مستخدمي موقع فيس بوك، والذي حمل عنوانًا مثيرًا لجذب الزوار، ولكن دون مراعاة أخلاقيات التحرير للأسف، فليس وضع عنوانًا جذّابًا هو المطلوب دائمًا مهما كلّف الأمر ذلك حسب ما تعلمت.
على أي حال، المقال الذي قُسِّم إلى أجزاء، حمل في طياته نماذج مختلفة للبشر بمختلف طباعهم، والمزعج هنا هو الانتقاد والسخرية من هذه النماذج جميعًا. ورغم موافقتي لكثيرٍ مما جاء في هذا المقال، إلا أن موافقتي عليه تكون بيني وبين نفسي؛ أو ربما بيني وبين صديقي المقرّب، لكن ليس على الملأ وأمام الجميع.
عندما لا أكون من هواة الشعر، ويكون أحد أصدقائي عكس ذلك، فإن ما يكتبه صديقي على حائطه، ليس من الضروري أن يعني لي شيءً، ولكن قد يعني الكثير لمحبي الشعر؛ سواءً كان اجتماعيًا أم غزليًا. ومن غير المنطقي أن أسخر بشخص كهذا إن كان على قائمة أصدقائي.
باختصار، جميع النماذج التي ذُكرت في المقال موجودة، ولكن لا يشترط أن تكون بالصورة التي تم وصفهم بها، إلا إن كان كاتب المقال يعلم مافي القلوب، ويستطيع معرفة من يقوم بكتابة أسئلة لنفسه على موقع Ask.fm ليجيب عليها ويصبح مشهورًا!
أهم ما في الحديث هنا هو غياب خصائص فيس بوك الكثيرة في مجال خصوصية المستخدم عن بال كاتبنا، فهو لم يجد أمامه للتخلص من هؤلاء الأصناف -التي تشمل المجتمع بأكمله- إلا خياري إلغاء الصداقة والحظر. وغاب عن ذهنه خيارات عديدة يقدمها فيس بوك، كأن يدخل على صفحة الشخص الذي لا تعجبه منشوراته ويختار عدم المتابعة لتتوقف منشورات هذا الشخص من الظهور على صفحته الرئيسية، أو أن يمنع أي أحد من عمل إشارة له دون موافقته، وغير ذلك من الخيارات المريحة التي يقدمها فيس بوك، والتي يمكن استخدامها دون إحراج.
شخصيًا، إن أردت الكتابة بأسلوبٍ ساخر، فلدي طاقات كبيرة أستطيع إبرازها هنا، ولكن ليس هذا ما نريده في الويب العربي، وليس تجريح الآخرين هو الهدف، ولو شاهدت ذات المقال مرفقًا بكلامٍ طيب ويعطي من تمت السخرية منهم كيانهم وقيمتهم في المجتمع، لما كتبت كل هذا.
أيًا يكن، لست أكتب هنا لزرع الكراهية بيني وبين أحد، فلكلٍ منا رأيه وحريته الشخصية فيما يكتب، ولست أساسًا من محبي العداوات، كما أني لست أكتب لتوجيه النقد لشخصٍ بعينه، وإنما لأنقد الأسلوب الذي زاد عن حد السّخرية، وتناول شريحة واسعة جدًا من البشر، حط من قيمة أفكارها ومعتقداتها، وجرح مشاعر بعضهم الآخر.
في النهاية أقول، من يرفض أفكار وأسلوب حياة الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضية، سيكون من الصّعب عليه تقبّل هؤلاء الأفراد على أرض الواقع أيضًا، ولا أعلم كيف سنتسمر في الحياة في حال رفضنا بعضنا البعض. وأعتقد أيضًا أن الشعراء المجانين لن يكونوا من محبي ما تنشره أنت وأنا كمهتمين بالمجال التقني، إلا أنهم يحترمون ما ننشر ولا يُظهروا الإساءة.
كما أن فيس بوك وغيره ليس مخصصًا للتمثيل وجعل حياة مرتاديه أفضل كونه يبعدهم عن واقعهم المرير، وإنما هو صورة أكبر لهذا الواقع، تتيح لنا التعرف على أشخاصٍ كُثر، والتعرف على نفسيات عديدة، كل ما علينا هو احترامها ما دامت محترمة معنا، وتعلم المفيد منها، وليس الإساءة إليها.
ملاحظة 1: معظم النماذج التي تحدث عنها الكاتب أعرفها وأستمتع بوجودها في هذه الحياة، كما أنني لست ضمن أي نموذجٍ قد تحدث عنه، ولم أكتب هذا دفاعًا عن نفسي.
ملاحظة 2: لن أضع روابط مباشرة للمقال الذي تحدّثت عنه، وسأدع من يجد أن ما كتبته مثيرًا ليبحث بنفسه عن المطلوب، أو يراسلني لأسهل عليه المهمة.
ملاحظة 3: لا أدّعي المثالية، ولكن المقال الذي قرأته قد زاد عن حده ولا يناسب المحتوى العربي من وجهة نظري.
ملاحظة 4: في حال تم قراءة ما كتبت، أتمنى أخذ رأيي من جانب النقد الإعلامي، والذي أهدف منه إلى الصعود درجة في مستوى المحتوى العربي، وأن لا يؤخذ بشكلٍ شخصي.
ملاحظة 5 (والأخيرة): اكتشفت أنني قضيت ساعة ونصف أخرى وأنا أكتب ما قرأتموه، وأتمنى أن لا أعتبره لاحقًا إضاعةً للوقت، وأن تصل رسالتي بالشكل الذي أريد.
قرأت المقال أياه وأضحكني ووافقت على محتواه كما أقترحت الخيارات الأخرى التي ذكرتها لتخفيف ظهور منشورات أحدهم على حائطك.
لكن بعد قراءة مقالتك رأيت الأمر من زاوية أخرى شكراً يعني كوعت كم درجة
بالنسبة لهذه النماذج أتقبلها ولن اقتلها بالتأكيد لكني لا أستطيع أن أكون صديقاً معها بصراحة وهي تغيظني جداً في الحياة الواقعية فكيف هنا في مكان الهدف منه التسلية وتغيير الجو ؟
ثم عندما تقول لا يناسب المحتوى العربي؟ الم تمارس بعضا مما نقدته؟
الطريف أنه قد أرسل لي طلب صداقة وقد وافقت عليه 🙂 البارحة ورح اقترح عليه يصادقك ههههههه
شاهدت تعليقاتك على المقال، وأتفهم كل ما جاء به، وسعيد بأنك شاهدت الأمر من الزاوية التي أريد.
بخصوص عدم مناسبته للمحتوى العربي، فأنا لم أمارس ما نقدته، وإنما أوجه نصيحة لاسم مشهور في مجال التحرير، وأقدم له نصائح ورأي شخصي بما كتبه وبأسلوب محترم بعيدًا عن التجريح. وبالفعل ما كُتب لا يناسب المحتوى العربي الهادف، فهل لك أن تخبرني إيجابيات واضحة أو مفيدة بمجال التقنية لما جاء في المقال المقصود؟
بخصوص صداقته، فسأكون سعيدًا بها بالتأكيد، أحب التعرف عن قرب على من يعملون بنفس مجال عملي الحالي.
شكرًا لردك عمر.
الموقع ليس تقنيا فقط حتى تسألني هذا السؤال وهذا النمط من الكتابة له جمهوره والانترنت فضاء حر للجميع والامر نسبي فما يضحكني هو هادف بالنسبة لي فالابتسامة أمر مطلوب كما المعرفة والأدب الساخر له كتابه العظام
أحترم رأيك بالتأكيد، ولكن أن يكون المضحك والذي يرسم الإبتسامة على وجهك يعتمد على السخرية من فئات عديدة من المجتمع (معظم فئاته)، فإن في ذلك تعالي على الآخر. وبخصوص توجّه الموقع، إن لم يكن تقنيًا بشكلٍ دائم، فهو تقني في معظم محتوياته. وإن كان ما أتحدث عنه تجده أدبًا ساخر، فأنا لا أجده هكذا على الإطلاق، فالأدب الساخر بالنهاية هدفه إيصال فكرة تُساعد من تم السخرية منه على إصلاح عيوبه، وليس إضحاك الطرف الآخر على من تمت السخرية منهم؛ وهذا ما لم أجده في المقال.