لا يخفى على أحد مدى الإقبال الذي تشهده سوق الهواتف الذكية يومًا بعد يوم، ففي كل يوم يُباع الآلاف من الهواتف التي تعمل بأنظمة التشغيل الرائدة وأهمها أندرويد و iOS. ولعلّ أفضل مهنة واستثمار يمكن لأي مبرمج أن يخوضه في الوقت الحالي هو دخول سوق تطبيقات وألعاب الهواتف الذكية، ورغم أن المنطقة العربية لا تزال تفتقر لمحترفين في هذا المجال، إلا أن الفرصة مفتوحة للوصول لأي هاتف ذكي في مختلف أنحاء العالم، وهذا وقتها الأنسب.
من وجهة النظري الشخصية أعتقد أن زمن برمجة مواقع الويب المعقدة لم يعد الأفضل كما كان سابقًا؛ حتى لو تم تصميم موقع بحجم وقوة فيس بوك، بل إن تطبيقات وألعاب الهواتف الذكية هي من أصبح بالمقدمة، يليها تخديم بسيط لهذه التطبيقات عبر الويب.
الأمثلة عديدة، فالكثير من الشبكات الاجتماعية الجديدة باتت تعتمد بشكلٍ كامل على تطبيق للهواتف فقط، مع احتمالية وجود موقع مُساعد يقدّم بعض إمكانيات هذه التطبيقات، فلديك شبكة إنستاغرام مثلًا، شبكة Vine، شبكة Jelly الجديدة والمخصصة للأسئلة والأجوبة، شبكة Path، وغيرهم الكثير، سواءًا كانت شبكات اجتماعية أم تطبيقات خدمية.
أما على صعيد الألعاب، فأصبح هناك مدمنين على ألعاب الهواتف الذكية، والتي يسهل اللعب بها أينما كنت ومتى أردت ذلك، دون الحاجة لأن تتواجد في المنزل وتربط الشاشة مع جهاز الألعاب الموجود لديك مثل Xbox أو PS وغيرها من أجهزة الألعاب، ولا حتى لوجود جهاز كمبيوتر بمواصفات ضخمة؛ إلا في حال كان الشخص من مدمني الألعاب الضخمة أساسًا، وهذا سيتقلص مع الوقت ومع تطور معالجات الأجهزة المحمولة من حواسب لوحية وهواتف ذكية.
كل ما سبق هو مقدمة لإقناع من لا يزال مترددًا من دخول مجال تطوير تطبيقات وألعاب للهواتف الذكية، أما بقية الحديث فسيكون عن البساطة المطلوبة في ظل وجود مئات آلاف التطبيقات والألعاب على المتاجر الشهيرة، وأهمها متجري جوجل بلاي لأندرويد ومتجر آبل للتطبيقات لـ iOS.
يعتقد معظم مطوري التطبيقات أنه كلما زادت تفاصيل التطبيق أو اللعبة وزادت العمليات المعقدة التي يجريها، فإن تطبيقه سيلفت الانتباه أكثر وسيحصل على تحميلات أعلى. قد يكون هذا الاعتقاد صحيح في حال كانت الفكرة بالفعل نادرة ومتميزة، ولكنه خاطئ معظم الأحيان، لأن التطبيقات والألعاب المعقدة بحاجة لفريق عمل متكامل وقادر على العمل مع كامل تفاصيل التطبيق، أما في حال كان المطور يعمل على فكرته بشكلٍ مستقل؛ وهذا ما يحصل غالبًا مع مطوري المنطقة العربية، فإن بساطة الفكرة وشموليتها هي من ستحكم على المنتج بالنجاح أو الفشل.
المثال الأبرز الذي وجدته مثاليًا منذ فترة -وقبل يومين فقط تحققت من ذلك- هو لعبة Flappy Bird، اللعبة البسيطة جدًا التي استطاعت الوصول إلى ملايين المستخدمين حول العالم، وحصلت على عدد مرات تحميل تجاوز 50 مليون من متجري جوجل بلاي وآبل للتطبيقات، واحتلّت المراتب الأولى كأعلى التطبيقات تحميلًا.
حيث تمكن Dong Nguyen؛ وهو مطور هذه اللعبة فيتنامي الأصل، من برمجتها وتصميمها خلال أيام قليلة فقط بعد عودته من العمل، وبفضل الفكرة البسيطة والجذّابة في نفس الوقت، بالإضافة إلى قليلٍ من الحظ، وصلت اللعبة إلى الملايين، وفي مقابلة أجراها معه موقع The Verge، أشار Nguyen بأن لعبته تحصد يوميًا حوالي 50 ألف دولار أمريكي! وهو رقم لا يستهان به على الإطلاق.
رغم أن اللعبة مجانية وبسيطة جدًا وتعتمد على تصميم أقل من متواضع، إلا أن الفكرة الذكية بآلية اللعب التي تعتمد على النقر فقط، وهنا يتم استثمار اللعبة عن طريق وضع الإعلانات في الأعلى والأسفل، وبالتالي احتمالية كبيرة للنقر على الإعلانات؛ حتى عن طريق الخطأ، إضافةً إلى اعتماد اللعبة على المنافسة ما بين الأصدقاء ومن يحصل على رقم أعلى، بفضل تكاملها مع الخدمات الأساسية لإحصائيات الألعاب من جوجل Google Play Games وآبل Game Center، وبالتأكيد سهولة فكرة اللعبة وإمكانية لعبها أينما كان وتشغيلها على أي جهاز من أهم أسباب النجاح.
هذا المطور بلعبته هذه يمكنه الآن الاستغناء عن عمله بفضل أرباح اللعبة الكبيرة، كما أنه وعد مستخدمي ويندوز فون بإيصال اللعبة لهم بأقرب وقتٍ ممكن، فهو يعمل عليها حاليًا حسب ما أوضح في حسابه على تويتر. (تحديث: لسببٍ مجهول ودون سابق إنذار، مطور اللعبة نشر تغريدة يخبر بها متابعيه بأنه سيتم إيقاف لعبته يوم غد؛ الأحد! يبدو أنه غير مستعد لهذه الشهرة بعد، أو ربما يخطط لعمل شيءٍ ما.. ولكن يبقى نجاح اللعبة أمرًا لا يمكن تغييره).
خلاصة القول هنا، بأنه ليس هناك داعٍ لأن تكون برمجيتك معقّدة سواءً كانت تطبيق أم لعبة، كل ما عليك هو الخروج بفكرة بعيدة عن التكرار وعن التعقيد، وستجدها بدأت بالانتشار دون أن تتعب نفسك في تسويقها حتى.
بالتأكيد للألعاب الضخمة وذات التصميم الاحترافي محبيها، ولكن إجمالًا، فإن معظم المستخدمين قد أشبعوا بهذه الألعاب، ويرغبون بشيءٍ بسيط يلبي احتياجاتهم وضيق وقتهم، فحاول البحث عن هذا الشيء ولا تتعب نفسك وتقضي أيامك على شيءٍ قد لا يجلب لك النجاح المتوقع.
ملاحظة: هذه التدوينة مشاركة في مسابقة التدوين الثانية التي يجريها الأخ عبدالله المهيري.
رغم ان علاقتى بالبرمجة مثل علاقتى باللغة الهندية. الا ان منصات التطبيقات الجاهزة باتت تداعب خيالى لعمل شئ ما. تدوينة جميلة, تحياتى لك
وأنا كذلك أرغب بدخول هذا المجال في أقرب فرصة ممكنة، شكرًا لك على رأيك أخ حازم 🙂
في رأيي النجاح يكمن في حل المشكلة حتى ولو كا هذا الحل من أسهل ما يكون بحيث أننا نستصغر التفكير به أو العمل لأجله لنحققه على أرض الواقع .. تعريفاتنا للنجاح يجب أن نغيرها قليلاً .. لا شك أن الإبداع والإبتكار هو ما يغير حياتنا نحو الأفضل بالمنتجات الجديدة والخدمات الأحدث التي توفر الراحة والمتعة للجميع .. لكن هناك مساحة أخرى للنجاح من ناحية التقليدية . .
كلام لا غبار عليه، حل المشكلة وبساطة هذا الحل من أهم أسباب النجاح .. شكرًا لرأيك أخ أحمد.
النجاح هو بخلق انماط جديد من الالعاب ففكرة اللعبة سبب نجاحها بعدها ياتي دور التصميم فلعبة minicraft مثال ثاني على بساطة التصميم
تدوينة قيمة عزيزى .. لقد بدأت بالفعل فى تعلم الـ java تمهيدا لدخولى مجال برمجة تطبيقات الأندرويد .. و كم أتمنى أن تكون لى قصة مشابهة لقصة صديقنا الفيتنامى هذا .. و لكن دون نهايتها طبعا 🙂
بالتوفيق لك، ونهاية القصة لا تزال سعيدة، فهو لا يزال يحصل على آلاف الدولارت حسب تصريحات سابقة حتى بعد إيقاف اللعبة، فهي موجودة على ملايين الأجهزة حتى الآن، كما أنه يفكر بإعادة تشغيلها 🙂